فصل: كتاب المواريث

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


كتاب المواريث

1707 - مسألة‏:‏

أَوَّلُ مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ‏:‏ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ ‏,‏ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ كُفِّنَ مِنْهُ الْمَيِّتُ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ مِنْهُ شَيْءٌ كَانَ كَفَنُهُ عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنْ الْغُرَمَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ ‏,‏ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي ‏"‏ كِتَابِ الْجَنَائِزِ ‏"‏ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا‏.‏ وَعُمْدَةُ ذَلِكَ قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ‏}‏ ، وَأَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ رضي الله عنه لَمْ يُوجَدْ لَهُ إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ ‏,‏ فَكُفِّنَ فِيهِ ‏,‏ وَلأََنَّ تَكْلِيفَ الْغُرَمَاءِ خَاصَّةً أَنْ يَكُونَ الْكَفَنُ نَاقِصًا مِنْ حُقُوقِهِمْ ‏:‏ ظُلْمٌ لَهُمْ وَهَذَا وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ حَضَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْغُرَمَاءُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ‏.‏

1708 - مسألة‏:

فَإِنْ فَضَلَتْ فَضْلَةٌ مِنْ الْمَالِ ‏:‏ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الثُّلُثِ فَمَا دُونَهُ ‏,‏ لاَ يَتَجَاوَزُ بِهَا الثُّلُثَ عَلَى مَا نَذْكُرُ فِي ‏"‏ كِتَابِ الْوَصَايَا ‏"‏ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏,‏ وَكَانَ لِلْوَرَثَةِ مَا بَقِيَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ‏}

1709 - مسألة‏:‏

وَلاَ يَرِثُ مِنْ الرِّجَالِ إِلاَّ الأَبُ ‏,‏ وَالْجَدُّ أَبُو الأَبِ ‏,‏ وَأَبُو الْجَدِّ الْمَذْكُورِ ‏,‏ وَهَكَذَا مَا وُجِدَ‏.‏ وَلاَ يَرِثُ مَعَ الأَبِ جَدٌّ ‏,‏ وَلاَ مَعَ الْجَدِّ أَبُو جَدٍّ ‏,‏ وَلاَ مَعَ أَبِي الْجَدِّ جَدُّ جَدٍّ ، وَلاَ يَرِثُ جَدٌّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ ‏,‏ وَلاَ جَدٌّ مِنْ قِبَلِ جَدَّةٍ ‏,‏ وَلاَ الأَخُ الشَّقِيقُ أَوْ لِلأَبِ فَقَطْ ‏,‏ أَوْ لِلْأُمِّ فَقَطْ ‏,‏ وَابْنُ الأَخِ الشَّقِيقِ ‏,‏ وَابْنُ الأَخِ لِلأَبِ‏.‏ ، وَلاَ يَرِثُ ابْنُ أَخٍ لأَُمٍّ ‏,‏ وَالأَبْنُ ‏,‏ وَابْنُ الأَبْنِ ‏,‏ وَابْنُ ابْنِ الأَبْنِ ‏,‏ وَهَكَذَا مَا وُجِدَ ‏,‏ وَالْعَمُّ شَقِيقُ الأَبِ ‏,‏ وَأَخُو الأَبِ لأََبِيهِ‏.‏ وَلاَ يَرِثُ أَخُو الأَبِ لأَُمِّهِ ‏,‏ وَابْنُ الْعَمِّ الشَّقِيقِ ‏,‏ وَابْنُ الْعَمِّ أَخُو الأَبِ لأََبِيهِ ‏,‏ وَعَمُّ الأَبِ الشَّقِيقِ ‏,‏ أَوْ الأَبِ وَهَكَذَا مَا عَلاَ ‏,‏ وَأَبْنَاؤُهُمْ الذُّكُورُ وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتِقُ وَمُعْتِقُ الْمُعْتَقِ ‏,‏ وَهَكَذَا مَا عَلاَ ‏,‏ لاَ يَرِثُ مِنْ الرِّجَالِ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْنَا ،

وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ هَؤُلاَءِ يَرِثُونَ‏.‏ وَلاَ يَرِثُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ الْأُمُّ ‏,‏ وَالْجَدَّةُ ‏,‏ وَالأَبْنَةُ ‏,‏ وَابْنَةُ الأَبْنِ ‏,‏ وَابْنَةُ ابْنِ الأَبْنِ ‏,‏ وَهَكَذَا مَا وُجِدَتْ‏.‏ وَلاَ تَرِثُ ابْنَةُ ابْنَةٍ ‏,‏ وَلاَ ابْنُ ابْنَةٍ ‏,‏ وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ ‏,‏ أَوْ لِلأَبِ ‏,‏ أَوْ لِلْأُمِّ ‏,‏ وَالزَّوْجَةُ ‏,‏ وَالْمُعْتِقَةُ ‏,‏ وَمُعْتَقَةُ الْمُعْتِقَةِ ‏,‏ وَهَكَذَا مَا عَلاَ‏.‏ وَلاَ يَرِثُ ابْنُ أُخْتٍ ‏,‏ وَلاَ بِنْتُ أُخْتٍ ‏,‏ وَلاَ ابْنَةُ أَخٍ ‏,‏ وَلاَ ابْنَةُ عَمٍّ ‏,‏ وَلاَ عَمَّةٌ ‏,‏ وَلاَ خَالَةٌ ‏,‏ وَلاَ خَالٌ ‏,‏ وَلاَ جَدٌّ لأَُمٍّ ‏,‏ وَلاَ ابْنَةُ ابْنَةٍ ‏,‏ وَلاَ ابْنُ ابْنَةٍ ‏,‏ وَلاَ بِنْتُ أَخٍ لأَُمٍّ ‏,‏ وَلاَ ابْنُ أَخٍ لأَُمٍّ‏.‏

وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ مَنْ ذَكَرْنَا لاَ يَرِثُ ‏,‏ وَلاَ يَرِثُ مَعَ الأَبِ جَدٌّ ‏,‏ وَلاَ تَرِثُ مَعَ الْأُمِّ جَدَّةٌ ‏,‏ وَلاَ يَرِثُ أَخٌ ‏,‏ وَلاَ أُخْتٌ مَعَ ابْنٍ ذَكَرٍ ‏,‏ وَلاَ مَعَ أَبٍ‏.‏ وَلاَ يَرِثُ ابْنُ أَخٍ مَعَ أَخٍ شَقِيقٍ ‏,‏ أَوْ لأََبٍ ‏,‏ وَلاَ يَرِثُ أَخٌ لأَُمٍّ مَعَ أَبٍ ‏,‏ وَلاَ مَعَ ابْنٍ ‏,‏ وَلاَ مَعَ ابْنَةٍ ‏,‏ وَلاَ مَعَ جَدٍّ‏.‏ وَلاَ يَرِثُ عَمٌّ مَعَ أَبٍ ‏,‏ وَلاَ مَعَ جَدٍّ ‏,‏ وَلاَ مَعَ أَخٍ شَقِيقٍ ‏,‏ أَوْ لأََبٍ ‏,‏ وَلاَ مَعَ ابْنِ أَخٍ شَقِيقٍ ‏,‏ أَوْ لأََبٍ وَإِنْ سَفَلَ‏.‏

برهان هَذَا كُلِّهِ‏.‏ نُصُوصُ الْقُرْآنِ ‏,‏ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبٍ عَنْ طَاوُوس ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَصْحَابِهَا ‏,‏ فَمَا أَبْقَتْ الْفَرَائِضُ فَلأََوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا أَيْضًا ‏:‏ فَلاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ أَصْلاً ‏,‏ وَأَخَّرْنَا الَّذِي فِيهِ اخْتِلاَفٌ لِنَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَبْوَابِهِ‏.‏

1710 - مسألة‏:

أَوَّلُ مَا يُخْرَجُ مِمَّا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ إنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ ‏,‏ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ‏:‏ دُيُونُ اللَّهِ تَعَالَى ‏,‏ إنْ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ ‏:‏ كَالْحَجِّ ‏,‏ وَالزَّكَاةِ ‏,‏ وَالْكَفَّارَاتِ ‏,‏ وَنَحْوِ ذَلِكَ ‏,‏ ثُمَّ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ أُخْرِجَ مِنْهُ دُيُونُ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كُفِّنَ مِنْهُ الْمَيِّتُ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ مِنْهُ شَيْءٌ كَانَ كَفَنُهُ عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنْ الْغُرَمَاءِ ‏,‏ أَوْ غَيْرِهِمْ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ الْكَفَنِ شَيْءٌ ‏:‏ نَفَذَتْ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ ‏,‏ وَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ‏.‏

برهان ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي آيَاتِ الْمَوَارِيثِ ‏:‏ ‏{‏مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ‏}‏ ‏,‏ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ ‏(‏ فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى ‏,‏ اقْضُوا اللَّهَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ ‏)‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي ‏"‏ كِتَابِ الصِّيَامِ ‏,‏ وَالزَّكَاةِ ‏,‏ وَالْحَجِّ ‏"‏ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا ‏,‏ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ فَالآيَةُ تَعُمُّ دُيُونَ اللَّهِ تَعَالَى وَدُيُونَ الْخَلْقِ ‏,‏ وَالسُّنَنُ الثَّابِتَةُ بَيَّنَتْ أَنَّ دَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مُقَدَّمٌ عَلَى دُيُونِ الْخَلْقِ‏.‏

وَأَمَّا الْكَفَنُ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي ‏"‏ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَصَحَّ ‏"‏ أَنَّ حَمْزَةَ ‏,‏ وَالْمُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ رضي الله عنهما ‏:‏ لَمْ يُوجَدْ لَهُمَا شَيْءٌ ‏,‏ إِلاَّ شَمْلَةٌ شَمْلَةٌ فَكُفِّنَا فِيهِمَا ‏"‏‏.‏ ‏.‏

وَقَالَ قَوْمٌ ‏:‏ الْكَفَنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الدُّيُونِ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَهَذَا خَطَأٌ ‏;‏ لأََنَّ النَّصَّ جَاءَ بِتَقْدِيمِ الدَّيْنِ كَمَا تَلَوْنَا ‏,‏ فَإِذْ قَدْ صَارَ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْغُرَمَاءِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَمِنْ الظُّلْمِ أَنْ يُخَصَّ الْغُرَمَاءُ بِإِخْرَاجِ الْكَفَنِ مِنْ مَالِهِمْ دُونَ مَالِ سَائِرِ مَنْ حَضَرَ ‏,‏ إذْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ قُرْآنٌ ‏,‏ وَلاَ سُنَّةٌ ‏,‏ وَلاَ إجْمَاعٌ ‏,‏ وَلاَ قِيَاسٌ ‏,‏ وَلاَ نَظَرٌ ‏,‏ وَلاَ احْتِيَاطٌ ‏,‏ لَكِنَّ حُكْمَهُ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أَصْلاً ‏,‏ وَمَنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَكَفَنُهُ عَلَى كُلِّ مَنْ حَضَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ‏,‏ لأََمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَنْ وَلِيَ كَفَنَ أَخِيهِ أَنْ يُحْسِنَهُ فَصَارَ إحْسَانُ الْكَفَنِ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مَنْ حَضَرَ الْمَيِّتَ ‏,‏ فَهَذَا عُمُومٌ لِلْغُرَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ حَضَرَ‏.‏

وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ لاَ تَنْفُذُ إِلاَّ بَعْدَ انْتِصَافِ الْغُرَمَاءِ ‏,‏ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ فَمَالُ الْمَيِّتِ قَدْ صَارَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى ‏,‏ أَوْ لِلْغُرَمَاءِ بِمَوْتِهِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ فَحَرَامٌ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي مَالِ غَيْرِهِ ‏,‏ وَإِنَّمَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ فِي مَالِهِ الَّذِي يَتَخَلَّفُ‏.‏

فَصَحَّ بِهَذَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِيمَا يَبْقَى بَعْدَ الدَّيْنِ‏.‏

1711 - مسألة‏:‏

وَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ أُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ أَوْ لأََبٍ ‏,‏ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أُخْتَيْنِ كَذَلِكَ أَيْضًا ‏,‏ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا ‏,‏ وَلاَ أَخًا شَقِيقًا ‏,‏ وَلاَ لأََبٍ ‏,‏ وَلاَ مَنْ يَحُطُّهُنَّ مِمَّا نَذْكُرُ فَلَهُمَا ثُلُثَا مَا تَرَكَ أَوْ لَهُنَّ عَلَى السَّوَاءِ‏.‏

وَكَذَلِكَ مَنْ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا ذَكَرًا ، وَلاَ مَنْ يَحُطُّهُنَّ ‏:‏ فَلَهُمَا أَوْ لَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ أَيْضًا‏.‏

برهان ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ‏}‏‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ هُوَ الْهُجَيْمِيُّ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ‏:‏ ‏"‏ اشْتَكَيْت وَعِنْدِي سَبْعُ أَخَوَاتٍ لِي فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَفَخَ فِي وَجْهِي فَأَفَقْتُ ‏,‏ فَقُلْتُ ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏,‏ أَلاَ أُوصِي لأََخَوَاتِي بِالثُّلُثَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَنِي ‏,‏ ثُمَّ رَجَعَ إلَيَّ فَقَالَ ‏:‏ إنِّي لاَ أَرَاك مَيِّتًا مِنْ وَجَعِكَ هَذَا ‏,‏ وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ فَبَيَّنَ الَّذِي لأََخَوَاتِكَ ‏:‏ فَجَعَلَ لَهُنَّ الثُّلُثَيْنِ فَكَانَ جَابِرٌ يَقُولُ ‏:‏ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ‏:‏ يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ‏.‏

وَأَمَّا الْبِنْتَانِ فَلاَ خِلاَفَ فِي الثَّلاَثِ فَصَاعِدًا ‏,‏ وَلاَ وَلَدَ لِلْمَيِّتِ ذَكَرًا فِي أَنَّ لَهُنَّ الثُّلُثَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ مَنْ يَحُطُّهُنَّ ‏,‏

وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى‏,‏ ‏{‏فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ‏}

وَأَمَّا الْبِنْتَانِ فَقَدْ رُوِيَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا إِلاَّ النِّصْفُ كَمَا لِلْوَاحِدَةِ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ هُوَ بَيَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسَدَّدٍ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ‏:‏ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جِئْنَا امْرَأَةً مِنْ الأَنْصَارِ فِي الأَسْوَاقِ وَهِيَ جَدَّةُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَذَكَرَ حَدِيثًا وَفِيهِ ‏:‏ فَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ بِابْنَتَيْنِ لَهَا فَقَالَتْ ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ بِنْتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ ‏,‏ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَدْ اسْتَقَى عَمُّهُمَا مَالَهُمَا فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالاً إِلاَّ أَخَذَهُ ‏,‏ فَمَا تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاَللَّهِ لاَ يَنْكِحَانِ أَبَدًا إِلاَّ وَلَهُمَا مَالٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ وَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ الآيَةَ ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ اُدْعُوَا لِي الْمَرْأَةَ وَصَاحِبَهَا فَقَالَ لِعَمِّهِمَا ‏:‏ أَعْطِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ ‏,‏ وَمَا بَقِيَ فَلَكَ‏.‏ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى الأَبْنَةَ النِّصْفَ ‏,‏ وَابْنَةَ الأَبْنِ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَقَدْ ادَّعَى أَصْحَابُ الْقِيَاسِ أَنَّ الثُّلُثَيْنِ إنَّمَا وَجَبَ لِلْبِنْتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْأُخْتَيْنِ ‏,‏ قَالُوا ‏:‏ وَالْبِنْتَانِ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ الْأُخْتَيْنِ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَهَذَا بَاطِلٌ ‏;‏ لأََنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ لأََنَّ الْبِنْتَيْنِ أَحَقُّ مِنْ الْأُخْتَيْنِ فَوَاجِبٌ أَنْ يَزِيدُوهُمَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا أَوْلَى وَأَقْرَبُ ‏,‏ فَيُخَالِفُوا الْقُرْآنَ ‏,‏ أَوْ يُبْطِلُوا قِيَاسَهُمْ‏.‏

وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ نَعْنِي هَؤُلاَءِ الْمُحْتَجِّينَ بِهَذَا الْقِيَاسِ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي عَشْرِ بَنَاتٍ وَأُخْتٍ لأََبٍ ‏:‏ أَنَّ لِلْأُخْتِ الثُّلُثَ كَامِلاً ‏,‏ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَنَاتِ خُمُسُ الثُّلُثِ فَقَدْ أَعْطُوا الْأُخْتَ الْوَاحِدَةَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطُوا أَرْبَعَ بَنَاتٍ ‏,‏ فَأَيْنَ قَوْلُهُمْ ‏:‏ إنَّ الْبَنَاتِ أَحَقُّ مِنْ الأَخَوَاتِ وَهَذَا مِنْهُمْ تَخْلِيطٌ فِي الدِّينِ ‏,‏ وَلَيْسَتْ الْمَوَارِيثُ عَلَى قَدْرِ التَّفَاضُلِ فِي الْقَرَابَةِ ‏,‏ إنَّمَا هِيَ كَمَا جَاءَتْ النُّصُوصُ فَقَطْ‏.‏

وَلاَ خِلاَفَ فِيمَنْ تَرَكَ جَدَّهُ أَبَا أُمِّهِ ‏,‏ وَابْنَ بِنْتِهِ ‏,‏ وَبِنْتَ أَخِيهِ ‏,‏ وَابْنَ أُخْتِهِ ‏,‏ وَخَالَهُ وَخَالَتَهُ ‏,‏ وَعَمَّتَهُ وَابْنَ عَمٍّ لَهُ لاَ يَلْتَقِي مَعَهُ إِلاَّ إلَى عِشْرِينَ جَدًّا ‏:‏ أَنَّ هَذَا الْمَالَ كُلَّهُ لِهَذَا الأَبْنِ الْعَمِّ الْبَعِيدِ ‏,‏ وَلاَ شَيْءَ لِكُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا ‏,‏ وَأَيْنَ قَرَابَتُهُ مِنْ قَرَابَتِهِمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1712 - مسألة‏:

فَإِنْ تَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً ‏,‏ وَأُخْتًا وَاحِدَةً لِلأَبِ أَوْ اثْنَتَيْنِ لِلأَبِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ‏:‏ فَلِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ ‏,‏ وَلِلَّتِي لِلأَبِ ‏,‏ أَوْ اللَّوَاتِي ‏,‏ لِلأَبِ ‏:‏ السُّدُسُ فَقَطْ ‏;‏ لأََنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْطَى الْأُخْتَ النِّصْفَ ‏,‏ وَأَعْطَى الْأُخْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَيْنِ‏.‏ فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلأَخَوَاتِ اللَّوَاتِي لِلأَبِ ‏,‏ أَوْ اللَّوَاتِي لِلأَبِ وَالْأُمِّ وَإِنْ كَثُرْنَ إِلاَّ الثُّلُثَانِ فَقَطْ ‏,‏ وَإِذَا وَجَبَ لِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ بِالْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقِّنِ فِي أَنْ لاَ يُشَارِكَهَا فِيهِ الَّتِي لَيْسَتْ شَقِيقَةً ‏,‏ فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ السُّدُسُ ‏,‏ فَهُوَ لِلَّتِي لِلأَبِ ‏,‏ أَوْ اللَّوَاتِي لِلأَبِ‏.‏

1713 - مسألة‏:‏

وَلاَ تَرِثُ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ ، وَلاَ غَيْرُ شَقِيقَةٍ مَعَ ابْنٍ ذَكَرٍ ، وَلاَ مَعَ ابْنَةٍ أُنْثَى ‏,‏ وَلاَ مَعَ ابْنِ ابْنٍ وَإِنْ سَفَلَ ‏,‏ وَلاَ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ وَإِنْ سَفَلَتْ ‏,‏ وَالْبَاقِي بَعْدَ نَصِيبِ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الأَبْنِ لِلْعَصَبَةِ كَالأَخِ ‏,‏ وَابْنِ الأَخِ ‏,‏ وَالْعَمِّ ‏,‏ وَابْنِ الْعَمِّ ‏,‏ وَالْمُعْتَقِ وَعَصَبَتِهِ ‏,‏ إِلاَّ أَنْ لاَ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ عَاصِبٌ ‏,‏ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مَا بَقِيَ لِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ ‏,‏ أَوْ لِلَّتِي لِلأَبِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ شَقِيقَةً ‏,‏ وَلِلأَخَوَاتِ كَذَلِكَ

وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَبِهِ نَأْخُذُ‏.‏ وَهُنَا قَوْلاَنِ غَيْرَ هَذَا‏.‏ أَحَدُهُمَا أَنَّ الأَخَوَاتِ عَصَبَةُ الْبَنَاتِ ‏,‏ وَأَنَّ الْأُخْتَ الْمَذْكُورَةَ أَوْ الأَخَوَاتِ الْمَذْكُورَاتِ يَأْخُذْنَ مَا فَضَلَ عَنْ الأَبْنَةِ ‏,‏ أَوْ بِنْتِ الأَبْنِ ‏,‏ أَوْ مَا فَضَلَ عَنْ الْبِنْتَيْنِ أَوْ بِنْتَيْ الأَبْنِ فَصَاعِدًا

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ‏,‏ وَأَبِي حَنِيفَةَ ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَصَحَّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدٍ ‏,‏ وَابْنِ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ لاَ مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِهَا‏.‏ وَصَحَّ فِي الْأُخْتِ وَالْبِنْتِ عَنْ مُعَاذٍ ‏,‏ وَأَبِي مُوسَى ‏,‏ وَسَلْمَانَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ كَذَلِكَ أَيْضًا‏.‏

وَالثَّانِي أَنَّهُ لاَ تَرِثُ أُخْتٌ أَصْلاً مَعَ ابْنَةٍ ‏,‏ وَلاَ مَعَ ابْنَةِ ابْنٍ وَصَحَّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ أَوَّلُ قَوْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ‏.‏

وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى الأَخَوَاتِ عَصَبَةَ الْبَنَاتِ بِ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ ‏,‏ وَسُفْيَانَ عَنْ أَبِي قَيْسٍ الأَوْدِيِّ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ عَنْ الْهُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ ‏:‏ سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنْ ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ ‏:‏ لِلأَبْنَةِ النِّصْفُ ‏,‏ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ ‏:‏ لَقَدْ ضَلَلْتُ إذًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ ‏,‏ أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلأَبْنَةِ النِّصْفُ ‏,‏ وَلأَبْنَةِ الأَبْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ ‏,‏ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏

وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يُوَرِّثْ أُخْتًا مَعَ ابْنَةٍ ، وَلاَ مَعَ ابْنَةِ ابْنٍ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ‏}‏ وَاسْمُ الْوَلَدِ يَقَعُ عَلَى الأَبْنَةِ ‏,‏ وَبِنْتِ الأَبْنِ ‏,‏ كَمَا يَقَعُ عَلَى الأَبْنِ وَابْنِ الأَبْنِ فِي اللُّغَةِ وَفِي الْقُرْآنِ وَالْعَجَبُ مِنْ مُجَاهَرَةِ بَعْضِ الْقَائِلِينَ هَاهُنَا ‏:‏ إنَّمَا عَنَى وَلَدًا ذَكَرًا وَهَذَا إقْدَامٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْبَاطِلِ ‏,‏ وَقَوْلٌ عَلَيْهِ بِمَا لاَ يَعْلَمُ ‏,‏ بَلْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ بَاطِلٌ‏.‏ وَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ‏}‏ وَبَيْنَ قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ‏}

وَقَوْله تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ‏}

وَقَوْله تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَلأََبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأَُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأَُمِّهِ السُّدُسُ‏}‏ فَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي جَمِيعِ هَذِهِ الآيَاتِ ‏:‏ أَنَّ الْوَلَدَ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ‏,‏ أَوْ وَلَدَ الْوَلَدِ كَذَلِكَ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ‏.‏ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ فِي مِيرَاثِ الْأُخْتِ أَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الذَّكَرَ وَ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ فَإِنْ شَهِدُوا فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ‏.‏

وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ لَمْ يُوَرِّثْ أُخْتًا مَعَ ابْنَةٍ ‏,‏ وَلاَ مَعَ ابْنَةِ ابْنٍ ‏:‏ بِالثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏:‏ أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَصْحَابِهَا فَمَا أَبْقَتْ الْفَرَائِضُ فَلأََوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ تَوْرِيثَهُمْ الْأُخْتَ مَعَ الْبِنْتِ ‏,‏ وَبِنْتَ الأَبْنِ إنَّمَا هُوَ بِالتَّعْصِيبِ ‏,‏ لاَ بِفَرْضٍ مُسَمًّى ‏,‏ لأََنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي بِنْتٍ ‏,‏ وَزَوْجٍ ‏,‏ وَأُمٍّ ‏,‏ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لأََبٍ ‏,‏ أَوْ أَخَوَاتٍ كَذَلِكَ ‏:‏ إنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ وَلِلزَّوْجِ الرُّبُعَ ‏,‏ وَلِلْأُمِّ السُّدُسَ ‏,‏ وَلَيْسَ لِلْأُخْتِ أَوْ الأَخَوَاتِ إِلاَّ نِصْفُ السُّدُسِ‏.‏ فَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ‏,‏ وَكَانَتْ ابْنَتَانِ ‏:‏ لَمْ تَرِثْ الْأُخْتُ ، وَلاَ الأَخَوَاتُ شَيْئًا ‏:‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ‏:‏ قِيلَ لأَبْنِ عَبَّاسٍ ‏:‏ مَنْ تَرَكَ ابْنَتَهُ ‏,‏ وَأُخْتَه لأََبِيهِ ‏,‏ وَأُمِّهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏ لأَبْنَتِهِ النِّصْفُ ‏,‏ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ‏,‏ وَلَيْسَ لأَُخْتِهِ شَيْءٌ مِمَّا بَقِيَ ‏,‏ وَهُوَ لِعَصَبَتِهِ ‏,‏ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ ‏:‏ إنَّ عُمَرَ قَضَى بِغَيْرِ ذَلِكَ ‏,‏ جَعَلَ لِلأَبْنَةِ النِّصْفَ ‏,‏ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ قَالَ مَعْمَرٌ ‏:‏ فَذَكَرْت ذَلِكَ لأَبْنِ طَاوُوس قَالَ لِي ابْنُ طَاوُوس ‏:‏ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ‏}‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏ فَقُلْتُمْ أَنْتُمْ ‏:‏ لَهَا النِّصْفُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ‏:‏ أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ وَلاَ فِي قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَتَجِدُونَهُ فِي النَّاسِ كُلِّهِمْ ‏:‏ مِيرَاثُ الْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ

قال أبو محمد ‏:‏ هَذَا يُرِيَك أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَرَ مَا فَشَا فِي النَّاسِ وَاشْتَهَرَ فِيهِمْ حُجَّةً ‏,‏ وَأَنَّهُ لَمْ يَرَ الْقَوْلَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقُرْآنِ ‏,‏ وَلاَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكَلَّمَ أَصْحَابُنَا فِي أَبِي قَيْسٍ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ أَبُو قَيْسٍ ثِقَةٌ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا جَرَحَهُ بِجُرْحَةٍ يَجِبُ بِهَا إسْقَاطُ رِوَايَتِهِ ‏,‏ فَالْوَاجِبُ الأَخْذُ بِمَا رَوَى وَبِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُسْنَدِ الَّذِي ذَكَرْنَا‏.‏ فَوَجَبَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ عَاصِبٌ أَنْ يَكُونَ مَا فَضَلَ عَنْ فَرِيضَةِ الأَبْنَةِ ‏,‏ أَوْ الْبِنْتَيْنِ ‏,‏ أَوْ بِنْتِ الأَبْنِ ‏,‏ أَوْ بِنْتَيْ الأَبْنِ لِلْعَصَبَةِ ‏;‏ لأََنَّهُ أَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ‏,‏ وَلَيْسَتْ الْأُخْتُ هَاهُنَا مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ الَّذِينَ أُمِرْنَا بِإِلْحَاقِ فَرَائِضِهِمْ بِهِمْ وَهَذَا وَاضِحٌ لاَ إشْكَالَ فِيهِ‏.‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ رَجُلٌ عَاصِبٌ أَصْلاً أَخَذْنَا بِحَدِيثِ أَبِي قَيْسٍ وَجَعَلْنَا الْأُخْتَ عَصَبَةً كَمَا فِي نَصِّهِ وَلَمْ نُخَالِفْ شَيْئًا مِنْ النُّصُوصِ‏.‏ وَالْمُعْتَقُ ‏,‏ وَمَنْ تَنَاسَلَ مِنْهُ مِنْ الذُّكُورِ أَوْ عَصَبَتِهِ مِنْ الذُّكُورِ هُمْ بِلاَ شَكٍّ مِنْ الرِّجَالِ الذُّكُورِ ‏:‏ فَهُمْ أَوْلَى مِنْ الأَخَوَاتِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنَةٌ أَوْ ابْنَةُ ابْنٍ

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ عَنْ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ ‏:‏ أَنَّهُمْ وَرَّثُوا الْأُخْتَ مَعَ الْبِنْتِ مَعَ وُجُودِ عَاصِبٍ ذَكَرٍ ‏,‏ فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مُتَعَلِّقٌ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1714 - مسألة‏:‏

وَالْأُمُّ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَى ‏,‏ أَوْ ابْنِ الابْنِ ‏,‏ أَوْ بِنْتِ الابْنِ وَإِنْ سَفَلَ ‏:‏ السُّدُسُ فَقَطْ ‏;‏ لأََنَّهُ نَصُّ الْقُرْآنِ ‏,‏ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1715 - مسألة‏:

وَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَخٌ ‏,‏ أَوْ أَخَوَانِ ‏,‏ أَوْ أُخْتَانِ أَوْ أُخْتٌ ‏,‏ أَوْ أَخٌ ‏,‏ وَأُخْتٌ ، وَلاَ وَلَدَ لَهُ ، وَلاَ وَلَدَ وَلَدٍ ذَكَرٍ‏.‏ فَلأَُمِّهِ الثُّلُثُ‏.‏ فَإِنْ كَانَ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنْ الْإِخْوَةِ ذُكُورٍ أَوْ إنَاثٍ ‏,‏ أَوْ بَعْضُهُمْ ذَكَرٌ ‏,‏ وَبَعْضُهُمْ أُنْثَى ‏:‏ فَلأَُمِّهِ السُّدُسُ ‏,‏ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأَُمِّهِ السُّدُسُ‏}

وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏ وَقَالَ غَيْرُهُ ‏:‏ بِاثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ تُرَدُّ الْأُمُّ إلَى السُّدُسِ ‏,‏

وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهَا لاَ تُرَدُّ عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِأَخٍ وَاحِدٍ ‏,‏ وَلاَ بِأُخْتٍ وَاحِدَةٍ ‏,‏ وَلاَ فِي أَنَّهَا تُرَدُّ إلَى السُّدُسِ بِثَلاَثَةٍ مِنْ الْإِخْوَةِ كَمَا ذَكَرْنَا إنَّمَا الْخِلاَفُ فِي رَدِّهَا إلَى السُّدُسِ بِاثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ‏.‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَرِيُّ قَالَ ‏:‏ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَمْرُوسٍ الأَسْتَجِيُّ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إبْرَاهِيمَ السَّعِيدِيّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِيٍّ الْعَلَّافُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ ، حَدَّثَنَا الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ هُوَ أَبُو الْحَارِثِ عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ‏:‏ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ لَهُ ‏:‏ إنَّ الأَخَوَيْنِ لاَ يَرُدَّانِ الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ ‏,‏ إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ‏}‏ وَالأَخَوَانِ فِي لِسَانِ قَوْمِك لَيْسُوا بِإِخْوَةٍ فَقَالَ عُثْمَانُ ‏:‏ لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْقُضَ أَمْرًا كَانَ قَبْلِي ‏,‏ تَوَارَثَهُ النَّاسُ وَمَضَى فِي الأَمْصَارِ

قال أبو محمد ‏:‏ أَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَدْ وَقَّفَ عُثْمَانَ عَلَى الْقُرْآنِ وَاللُّغَةِ ‏,‏ فَلَمْ يُنْكِرْ عُثْمَانُ ذَلِكَ أَصْلاً ‏,‏ وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَ عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ سُنَّةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ حُجَّةٌ مِنْ اللُّغَةِ لَعَارَضَ ابْنَ عَبَّاسٍ بِهَا مَا فَعَلَ ‏,‏ بَلْ تَعَلَّقَ بِأَمْرٍ كَانَ قَبْلَهُ ‏,‏ تَوَارَثَهُ النَّاسُ وَمَضَى فِي الأَمْصَارِ ‏,‏ فَعُثْمَانُ رَأَى هَذَا حُجَّةً ‏,‏ وَابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَرَهُ حُجَّةً ‏,‏ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ هُوَ الْقُرْآنُ ‏,‏ وَالسُّنَّةُ ‏,‏ وَنَصُّهُمَا يَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏ وَكَمْ قَضِيَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عُثْمَانَ ‏,‏ وَعُمَرَ ‏:‏ كَتَقْوِيمِهِمَا الدِّيَةَ بِالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ‏,‏ وَالْحُلَلِ ‏,‏ وَإِضْعَافِهَا فِي الْحَرَمِ وَالْقَضَاءِ بِوَلَدِ الْغَارَةِ رَقِيقًا لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ فِي كَثِيرٍ جِدًّا‏.‏

وَمَنْ ادَّعَى مِثْلَ هَذَا إجْمَاعًا وَمُخَالِفُ الْإِجْمَاعِ عِنْدَهُمْ كَافِرٌ ‏:‏ فَابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى قَوْلِهِمْ كَافِرٌ ‏,‏ إذْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا ‏,‏ بَلْ مُكَفِّرُهُ أَحَقُّ بِالْكُفْرِ وَأَوْلَى‏.‏

وَأَمَّا الْخَطَأُ مَعَ قَصْدِ الْحَقِّ فَلاَ يُرْفَعُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

وقال بعضهم ‏:‏ الأَخَوَانِ يَقَعُ عَلَيْهِمَا اسْمُ إخْوَةٍ

قال علي ‏:‏ وهذا خَطَأٌ ‏;‏ لأََنَّ عُثْمَانَ ‏,‏ وَابْنَ عَبَّاسٍ ‏:‏ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ ‏,‏ وَقَدْ اجْتَمَعَا عَلَى خِلاَفِ هَذَا ‏,‏ وَبِنْيَةُ اللُّغَةِ مُكَذِّبَةٌ لِهَذَا الْقَوْلِ ‏;‏ لأََنَّ بِنْيَةَ التَّثْنِيَةِ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي بِهَا خَاطَبَنَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام غَيْرُ بِنْيَةِ الْجَمْعِ بِالثَّلاَثَةِ فَصَاعِدًا ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ لأََحَدٍ أَنْ يَقُولَ ‏:‏ الرَّجُلاَنِ قَامُوا ‏,‏ وَلاَ الْمَرْأَتَانِ قُمْنَ‏.‏ وَاحْتَجُّوا فِي هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا‏}‏ وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ‏;‏ لأََنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَيْنِ ‏,‏ وَالْوَاجِبُ قَطْعُهُمَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ‏.‏ وَذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا‏}‏ وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ‏;‏ لأََنَّ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ إنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يُخْبَرُ عَنْهُمَا بِلَفْظِ الْجَمْعِ ‏,‏ قَالَ الرَّاجِزُ ‏:‏ وَمَهْمَهَيْنِ قَذَفَيْنِ مَرَّتَيْنِ ظَهْرَاهُمَا مِثْلَ ظُهُورِ التُّرْسَيْنِ فَهَذَا بَابٌ مَضْبُوطٌ لاَ يُتَعَدَّى وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏نَبَأُ الْخَصْمِ إذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ إذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُد فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ‏}‏ إلَى قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ‏}‏ وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ‏,‏ لأََنَّهُ لاَ نُكْرَةَ فِي دُخُولِهِمَا وَمَعَهُمَا غَيْرُهُمَا‏.‏ وَذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا‏}‏ وَهَذَا عَلَيْهِمْ ‏,‏ لاَ لَهُمْ ‏;‏ لأََنَّهُمْ كَانُوا ثَلاَثَةً ‏:‏ يُوسُفُ ‏,‏ وَأَخُوهُ الأَصْغَرُ الْمُحْتَبَسُ عَنْ الصُّوَاعِ ‏,‏ وَكَبِيرُهُمْ الَّذِي قَالَ ‏:‏ ‏{‏فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي‏}‏‏.‏ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لأَخَرَ بِدَرَاهِمَ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِثَلاَثَةٍ ‏,‏ لاَ بِدِرْهَمَيْنِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وقال بعضهم ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏}‏ قَالَ ‏:‏ وَالْحُكْمُ فِي الْأُخْتِ ‏,‏ وَالأَخِ هَكَذَا‏.‏فَصَحَّ أَنَّ الأَخَ وَالْأُخْتَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأَُمِّهِ السُّدُسُ‏}‏ كَذَلِكَ أَيْضًا‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ أَمَّا الآيَتَانِ فَحَقٌّ ‏,‏

وَأَمَّا هَذَا الأَسْتِدْلاَل فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ‏:‏ ‏{‏فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏}‏ وَهَذَا جَلِيٌّ مِنْ النَّصِّ فِي حُكْمِ الأَخِ ‏,‏ وَالْأُخْتِ فَقَطْ‏.‏ فَإِنْ أَوْجَدْنَا مِثْلَ ذَلِكَ فِي حَجْبِ الْأُمِّ فَهُوَ قَوْلُهُ ‏,‏ وَإِلَّا فَهُوَ مُبْطَلٌ مُدَّعًى بِلاَ

برهان‏.‏

وقال بعضهم ‏:‏ وَجَدْنَا كُلَّ مَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ حُكْمُ الْفَرْضِ فِيمَا بَعْدَ الْوَاحِدِ يَسْتَوِي فِيهِ الأَثْنَانِ ‏,‏ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا كَالْبِنْتَيْنِ مِيرَاثُهُمَا كَمِيرَاثِ الثَّلاَثِ ‏,‏ وَكَالْأُخْتَيْنِ مِيرَاثُهُمَا كَمِيرَاثِ الثَّلاَثِ ‏,‏ وَكَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ إنَّمَا هُوَ الثُّلُثُ لِلأَثْنَيْنِ كَمَا هُوَ لِلثَّلاَثِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَجْبُ الْأُمِّ بِالاِثْنَيْنِ كَحَجْبِهَا بِالثَّلاَثِ

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ ‏.‏

فَقُلْنَا ‏:‏ مَا وَجَبَ هَذَا قَطُّ كَمَا تَقُولُ ‏,‏ لأََنَّهُ حُكْمٌ مِنْك لاَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ‏,‏ وَكُلُّ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَحَقٌّ ‏,‏ وَكُلُّ مَا قُلْت أَنْتَ مِمَّا لَمْ يَقُلْهُ عَزَّ وَجَلَّ فَكَذِبٌ ‏,‏ وَبَاطِلٌ ‏,‏ فَهَاتِ بُرْهَانًا عَلَى صِحَّةِ تَشْبِيهِك هَذَا وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ وَقَدْ وَجَبَ لِلْأُمِّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ ‏:‏ الثُّلُثُ وَلَمْ يَحُطَّهَا اللَّهُ تَعَالَى إلَى السُّدُسِ إِلاَّ بِوَلَدٍ لِلْمَيِّتِ ‏,‏ أَوْ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ إخْوَةٌ فَلاَ يَجُوزُ مَنْعُهَا مِمَّا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا ‏,‏ إِلاَّ بِيَقِينٍ مِنْ سُنَّةٍ وَارِدَةٍ ، وَلاَ سُنَّةَ فِي ذَلِكَ ، وَلاَ إجْمَاعَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1716 - مسألة‏:

فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ زَوْجَةً وَأَبَوَيْنِ ‏,‏ أَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأَبَوَيْنِ ‏:‏ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ‏,‏ وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ ‏,‏ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَامِلاً وَلِلأَبِ مِنْ ابْنَتِهِ السُّدُسُ ‏,‏ وَمِنْ ابْنِهِ الثُّلُثُ ‏,‏ وَرُبُعُ الثُّلُثِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ لَيْسَ لِلْأُمِّ فِي كِلْتَيْهِمَا إِلاَّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ مِيرَاثِ الزَّوْجِ ‏,‏ وَالزَّوْجَةِ

وَهَذَا قَوْلٌ رُوِّينَاهُ صَحِيحًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ‏,‏ وَعُثْمَانَ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي الزَّوْجَةِ وَالأَبَوَيْنِ ‏,‏ وَالزَّوْجِ وَالأَبَوَيْنِ وَصَحَّ عَنْ زَيْدٍ ‏,‏ وَرُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ

وَهُوَ قَوْلُ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ ‏,‏ وَالْحَسَنِ ‏,‏ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ‏,‏ وَمَالِكٍ ‏,‏ وَأَبِي حَنِيفَةَ ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ ‏,‏ وَأَصْحَابِهِمْ

وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ‏.‏

وَهَا هُنَا قَوْلٌ آخَرُ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ ‏:‏ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ قَالَ فِي رَجُلٍ تَرَكَ امْرَأَتَهُ وَأَبَوَيْهِ ‏:‏ لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ ‏,‏ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ ‏,‏ وَمَا بَقِيَ فَلِلأَبِ وَقَالَ فِي امْرَأَةٍ تَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأَبَوَيْهَا ‏:‏ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ‏,‏ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ ‏,‏ وَلِلأَبِ مَا بَقِيَ قَالَ ‏:‏ إذَا فَضَلَ الأَبُ الْأُمَّ بِشَيْءٍ فَإِنَّ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ‏.‏

وَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي

قلنا بِهِ ‏:‏ فَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏:‏ ، أَنَّهُ قَالَ فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ ‏:‏ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ‏,‏ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ ‏:‏ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ‏:‏ لِلْأُمِّ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ‏.‏ فِي امْرَأَةٍ وَأَبَوَيْنِ ‏,‏ وَزَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ

وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ

وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ احْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلْأُمِّ ثُلُثَ مَا بَقِيَ بِ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ‏:‏ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَرَانِي أُفَضِّلُ أُمًّا عَلَى أَبٍ‏.‏ وَبِ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْعَقِيمِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ ‏:‏ خَالَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَهْلَ الصَّلاَةِ فِي زَوْجٍ ‏,‏ وَأَبَوَيْنِ‏.‏ وَقَالُوا ‏:‏ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأَُمِّهِ الثُّلُثُ أَيْ مِمَّا يَرِثُهُ أَبَوَاهُ‏}‏‏.‏ مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا ‏,‏ وَكُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ‏.‏ أَمَّا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ ‏,‏ فَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ نُكْرَةَ فِي تَفْضِيلِ الْأُمِّ عَلَى الأَبِ ‏:‏ فَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ فَقَالَ ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صُحْبَتِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏:‏ أُمُّكَ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ ثُمَّ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ‏:‏ أُمُّكَ ‏,‏ قَالَ ثُمَّ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ‏:‏ أُمُّكَ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ ثُمَّ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ‏:‏ ثُمَّ أَبُوكَ فَفَضَّلَ الْأُمَّ عليه الصلاة والسلام عَلَى الأَبِ فِي حُسْنِ الصُّحْبَةِ وَقَدْ سَوَّى اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الأَبِ وَالْأُمِّ بِإِجْمَاعِنَا وَإِجْمَاعِهِمْ فِي الْمِيرَاثِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ فَ لأََبَوَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَمِنْ أَيْنَ تَمْنَعُونَ مِنْ تَفْضِيلِهَا عَلَيْهِ إذَا أَوْجَبَ ذَلِكَ نَصٌّ‏.‏ ثُمَّ إنَّ هَؤُلاَءِ الْمُحْتَجِّينَ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا أَوَّلُ مُخَالِفِينَ لَهُ فِي ذَلِكَ

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ‏,‏ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لاَ يُفَضِّلاَنِ أُمًّا عَلَى جَدٍّ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَالْمُمَوِّهُونَ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا يُخَالِفُونَهُ ‏,‏ وَيُخَالِفُونَ عُمَرَ ‏,‏ فَيُفَضِّلُونَ الْأُمَّ عَلَى الْجَدِّ ‏,‏ وَهُمْ يُفَضِّلُونَ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ فِي بَعْضِ الْمَوَارِيثِ‏.‏ فَيَقُولُونَ فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا ‏,‏ وَأُمَّهَا ‏,‏ وَأَخَوَيْنِ شَقِيقَيْنِ ‏,‏ وَأُخْتَهَا لأَُمٍّ ‏:‏ إنَّ لِلْأُخْتِ لِلْأُمِّ السُّدُسَ كَامِلاً ‏,‏ وَلِلذَّكَرَيْنِ الأَخَوَيْنِ الشَّقِيقَيْنِ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا ‏,‏ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ السُّدُسِ‏.‏ وَيَقُولُونَ بِآرَائِهِمْ فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا ‏,‏ أَوْ أُخْتَهَا شَقِيقَتَهَا وَأَخًا لأََبٍ ‏:‏ إنَّ الأَخَ لاَ يَرِثُ شَيْئًا فَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ أُخْتٌ ‏:‏ فَلَهَا السُّدُسُ ‏,‏ يُعَالُ لَهَا بِهِ ‏,‏ فَهُمْ لاَ يُنْكِرُونَ تَفْضِيلَ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ ثُمَّ يُمَوِّهُونَ بِتَشْنِيعِ تَفْضِيلِ الْأُمِّ عَلَى الأَبِ حَيْثُ أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُ إبْرَاهِيمَ ‏:‏ خَالَفَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَهْلَ الصَّلاَةِ فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ خِلاَفُ أَهْلِ الصَّلاَةِ كُفْرًا أَوْ فِسْقًا فَلْيَنْظُرُوا فِيمَا يَدْخُلُونَ وَالْمُعَرِّضُ بِابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا أَحَقُّ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏ وَالْعَجَبُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ هَذَا إبْرَاهِيمُ وَهُوَ يَرْوِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‏.‏ مُوَافَقَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ كَمَا أَوْرَدْنَا وَمَا وَجَدْنَا قَوْلَ الْمُخَالِفِينَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ إِلاَّ عَنْ زَيْدٍ وَحْدَهُ ‏,‏

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُمَا وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ قَوْلُ عُمَرَ ‏,‏ وَعُثْمَانَ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ وَلَيْسَ يُقَالُ فِي إضْعَافِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ ‏:‏ خَالَفَ أَهْلَ الصَّلاَةِ فَبَطَلَ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ هَذَا وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأَُمِّهِ الثُّلُثُ‏}‏ أَيْ مِمَّا يَرِثُهُ أَبَوَاهُ ‏:‏ فَبَاطِلٌ ‏,‏ وَزِيَادَةٌ فِي الْقُرْآنِ لاَ يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهَا‏.‏

برهان ذَلِكَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ أَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَسْأَلُهُ عَنْ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ فَقَالَ ‏:‏ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ ‏,‏ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏ أَتَقُولُهُ بِرَأْيِك أَمْ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ زَيْدٌ ‏:‏ أَقُولُهُ بِرَأْيِي ‏,‏ وَلاَ أُفَضِّلُ أُمًّا عَلَى أَبٍ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ فَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ بِالآيَةِ مُتَعَلَّقٌ مَا قَالَ ‏:‏ أَقُولُهُ بِرَأْيِي لاَ أُفَضِّلُ أُمًّا عَلَى أَبٍ ‏,‏ وَلَقَالَ‏:‏ بَلْ أَقُولُهُ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

قال أبو محمد ‏:‏ لَيْسَ الرَّأْيُ حُجَّةً ‏,‏ وَنَصُّ الْقُرْآنِ يُوجِبُ صِحَّةَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَلأَُمِّهِ الثُّلُثُ‏}‏ فَهَذَا عُمُومٌ لاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ‏.‏ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ مَعَنَا عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأَُمِّهِ السُّدُسُ‏}‏ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ‏,‏ لاَ مِمَّا يَرِثُهُ الأَبَوَانِ ‏,‏ ثُمَّ يَقُولُونَ هَاهُنَا فِي قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏فَلأَُمِّهِ الثُّلُثُ‏}‏ إنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَرِثُ الأَبَوَانِ وَهَذَا تَحَكُّمٌ فِي الْقُرْآنِ وَإِقْدَامٌ عَلَى تَقْوِيلِ اللَّهِ تَعَالَى مَا لَمْ يَقُلْ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ هَذَا‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ ‏:‏ فَأَصَابَ فِي الْوَاحِدَةِ وَأَخْطَأَ فِي الْأُخْرَى ‏;‏ لأََنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِ النَّصِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ‏,‏ وَإِنَّمَا جَاءَ النَّصُّ مَجِيئًا وَاحِدًا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1717 - مسألة‏:‏

وَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ وَلَدٌ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى ، وَلاَ وَلَدُ وَلَدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ‏,‏ مِنْ وَلَدٍ ذَكَرٍ وَإِنْ سَفَلَ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ ذَلِكَ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ‏.‏ فَإِنْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ ابْنٌ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ‏,‏ أَوْ ابْنُ ابْنٍ ذَكَرٍ ‏,‏ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ ذَكَرٍ وَإِنْ سَفَلَ كَمَا ذَكَرْنَا‏.‏ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إِلاَّ الرُّبُعُ‏.‏ وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ ابْنٌ ذَكَرٍ ، وَلاَ أُنْثَى ‏,‏ وَلاَ ابْنُ ابْنٍ ذَكَرٍ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ ذَكَرٍ ‏,‏ أَوْ بِنْتُ ابْنِ ابْنٍ ذَكَرٍ وَإِنْ سَفَلَ مَنْ ذَكَرْنَا سَوَاءٌ مِنْ تِلْكَ الزَّوْجَةِ كَانَ الْوَلَدُ الْمَذْكُورُ ‏,‏ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا‏.‏ فَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ وَلَدٌ ‏,‏ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ ذَكَرٍ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ إِلاَّ الثُّمُنُ ‏,‏ وَسَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَةٌ وَاحِدَةٌ ‏,‏ أَوْ اثْنَتَانِ ‏,‏ أَوْ ثَلاَثٌ ‏,‏ أَوْ أَرْبَعٌ ‏:‏ هُنَّ شُرَكَاءُ فِي الرُّبُعِ ‏,‏ أَوْ الثُّمُنِ‏.‏

برهان ذَلِكَ نَصُّ الْقُرْآنِ الْمَحْفُوظِ ‏,‏

وَلاَ خِلاَفَ فِي هَذَا أَصْلاً ‏,‏ وَلاَ حُكْمَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ‏,‏ وَبِيَقِينٍ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْوَاتٌ تَرَكُوا بَنِي بَنَاتٍ ‏,‏ فَاتَّسَقَ نَقْلُ الْجَمِيعِ عَصْرًا بَعْدَ عَصْرٍ أَنَّهُمْ لَمْ يَرِثُوا ‏,‏ وَلاَ حُجِبُوا ‏,‏ بَلْ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا ‏,‏ بِخِلاَفِ التَّحْرِيمِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْوَطْءِ الْمَنْقُولِ عَصْرًا بَعْدَ عَصْرٍ بِلاَ خِلاَفٍ أَنَّهُ عَلَى الْعُمُومِ فِي بَنِي الْبَنَاتِ ‏,‏ وَبَنِي الْبَنِينَ ‏,‏ وَبِخِلاَفِ وُجُوبِ الْحَقِّ ‏,‏ وَالْعِتْقِ ‏,‏ وَالنَّفَقَةِ الَّتِي أَوْجَبَتْهُ النُّصُوصُ‏.‏

1718 - مسألة‏:

وَلاَ عَوْلَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَوَارِيثِ الْفَرَائِضِ وَهُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ فِي الْمِيرَاثِ ذَوُو فَرَائِضَ مُسَمَّاةٍ لاَ يَحْتَمِلُهَا الْمِيرَاثُ ‏,‏ مِثْلُ ‏:‏ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ ‏,‏ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَأُخْتٍ لأَُمٍّ ‏,‏ أَوْ أُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ أَوْ لأََبٍ ‏,‏ وَأَخَوَيْنِ لأَُمٍّ ‏,‏ أَوْ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَابْنَةٍ ‏,‏ أَوْ ابْنَتَيْنِ فَإِنَّ هَذِهِ فَرَائِضَ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ يَجِبُ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ وَالثُّلُثُ ‏,‏ أَوْ نِصْفٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثَانِ ‏,‏ أَوْ نِصْفٌ وَنِصْفٌ وَسُدُسٌ ‏,‏ وَنَحْوُ هَذَا‏.‏ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ‏.‏ فَقَالَ بَعْضُهُمْ ‏:‏ يَحُطُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ فَرْضِهِ شَيْئًا حَتَّى يَنْقَسِمَ الْمَالُ عَلَيْهِمْ ‏,‏ وَرَتَّبُوا ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَجْمَعُوا سِهَامَهُمْ كَامِلَةً ‏,‏ ثُمَّ يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا اجْتَمَعَ ‏,‏ مِثْلُ ‏:‏ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ لأَُمٍّ ‏,‏ فَهَذِهِ ‏:‏ ثُلُثَانِ وَثُلُثٌ وَنِصْفٌ وَسُدُسٌ ، وَلاَ يَصِحُّ هَذَا فِي بِنْيَةِ الْعَالَمِ‏.‏ قَالُوا ‏:‏ فَيُجْعَلُ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَهُوَ ثَلاَثَةٌ مِنْ سِتَّةٍ ‏,‏ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ ‏,‏ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ سِهَامٍ ‏,‏ وَلِلشَّقِيقَتَيْنِ الثُّلُثَانِ ‏,‏ وَهُمَا أَرْبَعَةٌ مِنْ سِتَّةٍ ‏,‏ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ ‏,‏ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ ‏,‏ وَهُوَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ فَهَذِهِ عَشَرَةٌ ‏,‏ يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ ‏,‏ فَلِلزَّوْجِ الَّذِي لَهُ النِّصْفُ ثَلاَثَةٌ مِنْ عَشَرَةٍ ‏,‏ فَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ‏.‏ وَلِلْأُمِّ الَّتِي لَهَا السُّدُسُ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ وَهُوَ الْعُشْرُ‏.‏ وَلِلشَّقِيقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَهُمَا الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ مِنْ عَشَرَةٍ ‏,‏ فَذَلِكَ خُمُسَانِ‏.‏ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ اللَّتَيْنِ لَهُمَا الثُّلُثُ اثْنَانِ مِنْ عَشَرَةٍ ‏,‏ فَهُوَ الْخُمُسُ وَهَكَذَا فِي سَائِرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ‏.‏ وَهُوَ قَوْلٌ أَوَّلُ مَنْ قَالَ بِهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ‏,‏ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَصَحَّ عَنْهُ هَذَا ‏,‏

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ غَيْرَ مُسْنَدٍ ‏,‏ وَذُكِرَ عَنْ الْعَبَّاسِ وَلَمْ يَصِحَّ ‏,‏ وَصَحَّ عَنْ شُرَيْحٍ ‏,‏ وَنَفَرٍ مِنْ التَّابِعِينَ يَسِيرٍ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ ‏,‏ وَمَالِكٌ ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ ‏,‏ وَأَحْمَدُ ‏,‏ وَأَصْحَابُ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ إذَا اجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى شَيْءٍ كَانَ أَسْهَلُ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُمْ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِمْ مُؤْنَةٌ مِنْ دَعْوَى ‏:‏ أَنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ‏,‏ وَأَنَّ خِلاَفَهُ شُذُوذٌ ‏,‏ وَأَنَّ خُصُومَهُمْ لَيَرْثُونَ لَهُمْ مِنْ تَوَرُّطِهِمْ فِي هَذِهِ الدَّعَاوَى الْكَاذِبَةِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ مِثْلِهَا‏.‏ وَأَيْمُ اللَّهِ لاَ أَقْدَمُ عَلَى أَنْ يُنْسَبَ إلَى أَحَدٍ قَوْلٌ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَرْءَ قَالَهُ إِلاَّ مُسْتَسْهِلُ الْكَذِبِ ‏,‏ مَقْدِمٌ عَلَيْهِ سَاقِطُ الْعَدَالَةِ‏.‏

وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنْ صَحَّ عِنْدَنَا عَنْ إنْسَانٍ ، أَنَّهُ قَالَ قَوْلاً نَسَبْنَاهُ إلَيْهِ ‏,‏ وَإِنْ رُوِّينَاهُ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا ‏,‏

قلنا ‏:‏ رُوِيَ عَنْ فُلاَنٍ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يُرْوَ لَنَا عَنْهُ قَوْلٌ لَمْ نَنْسُبْ إلَيْهِ قَوْلاً لَمْ يَبْلُغْنَا عَنْهُ ‏,‏ وَلاَ نَتَكَثَّرُ بِالْكَذِبِ ‏,‏ وَلَمْ نَذْكُرْهُ لاَ عَلَيْنَا ، وَلاَ لَنَا‏.‏ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ ‏:‏ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ عَالَ فِي الْفَرَائِضِ ‏,‏ وَأَكْثَرُ مَا بَلَغَ بِالْعَوْلِ مِثْلُ ثُلُثَيْ رَأْسِ الْفَرِيضَةِ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ هَذَا يَكْفِي مِنْ إبْطَالِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ مُحْدَثٌ لَمْ تَمْضِ بِهِ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ احْتِيَاطٌ مِمَّنْ رَآهُ مِنْ السَّلَفِ رضوان الله عليهم ‏,‏ قَصَدُوا بِهِ الْخَيْرَ‏.‏ وَقَالَ بِالْقَوْلِ الأَوَّلِ ‏:‏ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْفَرَائِضَ لاَ تَعُولُ

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ ‏:‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏ لاَ تَعُولُ فَرِيضَةٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ‏:‏ أَتَرَوْنَ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا جَعَلَ فِي مَالٍ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا ‏,‏ إنَّمَا هُوَ نِصْفَانِ ‏,‏ وَثَلاَثَةُ أَثْلاَثٍ ‏,‏ وَأَرْبَعَةُ أَرْبَاعٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ ‏:‏ خَرَجْت أَنَا ‏,‏ وَزُفَرُ بْنُ أَوْسٍ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَتَحَدَّثْنَا عِنْدَهُ حَتَّى عَرَضَ ذِكْرُ فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ أَتَرَوْنَ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا جَعَلَ فِي مَالٍ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا ‏:‏ النِّصْفَانِ قَدْ ذَهَبَا بِالْمَالِ ‏,‏ أَيْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ فَقَالَ لَهُ زُفَرُ ‏:‏ يَا ابْنَ الْعَبَّاسِ مَنْ أَوَّلُ مَنْ أَعَالَ الْفَرَائِضَ فَقَالَ ‏:‏ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ‏,‏ لَمَّا الْتَقَتْ عِنْدَهُ الْفَرَائِضُ ‏,‏ وَدَافَعَ بَعْضُهَا بَعْضًا ‏,‏ وَكَانَ امْرَأً وَرِعًا ‏,‏ فَقَالَ ‏:‏ وَاَللَّهِ مَا أَدْرِي أَيُّكُمْ قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلاَ أَيُّكُمْ أَخَّرَ ‏,‏ فَمَا أَجِدُ شَيْئًا هُوَ أَوْسَعُ مِنْ أَنْ أَقْسِمَ بَيْنَكُمْ هَذَا الْمَالَ بِالْحِصَصِ ‏,‏ فَأَدْخَلَ عَلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَوْلِ‏.‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏ وَأَيْمُ اللَّهِ لَوْ قَدَّمَ مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا عَالَتْ فَرِيضَةٌ فَقَالَ لَهُ زُفَرُ ‏:‏ وَأَيُّهَا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ ‏:‏ كُلُّ فَرِيضَةٍ لَمْ يُهْبِطْهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ فَرِيضَةٍ إِلاَّ إلَى فَرِيضَةٍ ‏,‏ فَهَذَا مَا قَدَّمَ ‏,‏

وَأَمَّا مَا أَخَّرَ فَكُلُّ فَرِيضَةٍ إذَا زَالَتْ عَنْ فَرْضِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إِلاَّ مَا بَقِيَ ‏,‏ فَذَلِكَ الَّذِي أَخَّرَ‏.‏

فأما الَّذِي قَدَّمَ ‏,‏ فَالزَّوْجُ لَهُ النِّصْفُ ‏,‏ فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَا يُزِيلُهُ رَجَعَ إلَى الرُّبُعِ لاَ يُزَايِلُهُ عَنْهُ شَيْءٌ‏.‏ وَالزَّوْجَةُ لَهَا الرُّبُعُ ‏,‏ فَإِنْ زَالَتْ عَنْهُ صَارَتْ إلَى الثُّمُنِ لاَ يُزَايِلُهَا عَنْهُ شَيْءٌ‏.‏ وَالْأُمُّ لَهَا الثُّلُثُ فَإِنْ زَالَتْ عَنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَدَخَلَ عَلَيْهَا صَارَتْ إلَى السُّدُسِ لاَ يُزَايِلُهَا عَنْهُ شَيْءٌ ‏,‏ فَهَذِهِ الْفَرَائِضُ الَّتِي قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏ وَاَلَّتِي أَخَّرَ ‏:‏ فَرِيضَةُ الأَخَوَاتِ وَالْبَنَاتِ لَهُنَّ النِّصْفُ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ ‏,‏ وَالثُّلُثَانِ ‏,‏ فَإِذَا أَزَالَتْهُنَّ الْفَرَائِضُ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ إِلاَّ مَا يَبْقَى‏.‏ فَإِذَا اجْتَمَعَ مَا قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا أَخَّرَ ‏:‏ بُدِئَ بِمَنْ قَدَّمَ وَأُعْطِيَ حَقَّهُ كَمَلاً ‏,‏ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِمَنْ أَخَّرَ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُ فَقَالَ لَهُ زُفَرُ ‏:‏ فَمَا مَنَعَك يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْ تُشِيرَ عَلَيْهِ بِهَذَا الرَّأْيِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏ هِبَتُهُ‏.‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ‏:‏ وَاَللَّهِ لَوْلاَ أَنَّهُ تَقَدَّمَهُ إمَامٌ عَادِلٌ لَكَانَ أَمْرُهُ عَلَى الْوَرَعِ فَأَمْضَى أَمْرًا مَضَى مَا اخْتَلَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اثْنَانِ فِيمَا قَالَ‏.‏ وَبِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا يَقُولُ عَطَاءٌ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ‏,‏ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ‏,‏ وَأَبُو سُلَيْمَانَ ‏,‏ وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا ‏,‏ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏

فَنَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى الْعَوْلِ فَوَجَدْنَا مَا ذَكَرَهُ عُمَرُ رضي الله عنه مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ تَعَالَى ‏,‏ وَلاَ مَنْ أَخَّرَ‏.‏ زَادَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ أَنْ قَالُوا ‏:‏ لَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِالْحَطِيطَةِ مِنْ بَعْضٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونُوا كَالْغُرَمَاءِ ‏,‏ وَالْمُوصَى لَهُمْ ‏,‏ يَضِيقُ الْمَالُ عَنْ حُقُوقِهِمْ ‏,‏ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُعَمُّوا بِالْحَطِيطَةِ ‏,‏ وَادَّعَوْا عَلَى مَنْ أَبْطَلَ الْعَوْلَ تَنَاقُضًا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ ‏,‏

وقال بعضهم فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى فَقَطْ ‏:‏ مَا لَهُمْ حُجَّةٌ أَصْلاً غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا ‏,‏ وَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ‏.‏ أَمَّا قَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه ‏"‏ مَا أَدْرِي أَيُّهُمْ قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلاَ أَيُّهُمْ أَخَّرَ ‏"‏ فَصَدَقَ ‏:‏ ‏,‏ وَمِثْلُهُ لَمْ يَدَعْ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ ‏,‏ إِلاَّ أَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ وَثَلْجٍ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّفْنَا مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَنَا ‏,‏ فَإِنْ كَانَ خَفِيَ عَلَى عُمَرَ فَلَمْ يَخْفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ‏,‏ وَلَيْسَ مَغِيبُ الْحُكْمِ عَمَّنْ غَابَ عَنْهُ حُجَّةً عَلَى مَنْ عَلِمَهُ ‏,‏ وَقَدْ غَابَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه عِلْمُ جَوَازِ كَثْرَةِ الصَّدَاقِ ‏,‏ وَمَوْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏,‏ وَمَا الْكَلاَلَةُ ‏,‏ وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ ‏,‏ فَمَا كَدَحَ ذَلِكَ فِي عِلْمِ مَنْ عَلِمَهَا‏.‏

وَأَمَّا تَشْبِيهُهُمْ ذَلِكَ بِالْغُرَمَاءِ وَالْمُوصَى لَهُمْ ‏,‏ فَبَاطِلٌ وَتَشْبِيهٌ فَاسِدٌ ‏;‏ لأََنَّ الْمَالَ لَوْ اتَّسَعَ عَلَى مَا هَوَّلُوا وَسِعَ الْغُرَمَاءَ وَالْمُوصَى لَهُمْ ‏,‏ وَلَوُجِدَ بَعْدَ التَّحَاصِّ مَالُ الْغَرِيمِ يُقْسَمُ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَالْمُوصَى لَهُمْ أَبَدًا ‏,‏ حَتَّى يَسَعَهُمْ ‏,‏ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَمْرُ الْعَوْلِ ‏,‏ فَإِنَّ كُلَّ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْعَرْشِ لاَ يَتَّسِعُ لأََكْثَرَ مِنْ ‏:‏ نِصْفَيْنِ ‏,‏ أَوْ ثَلاَثَةِ أَثْلاَثٍ ‏,‏ أَوْ أَرْبَعَةِ أَرْبَاعٍ ‏,‏ أَوْ سِتَّةِ أَسْدَاسٍ ‏,‏ أَوْ ثَمَانِيَةِ أَثْمَانٍ ‏,‏ فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُكَلِّفَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُحَالَ وَمَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ ‏,‏ وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُكَلِّفَنَا مِنْ الْمَخْرَجِ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُخَلِّصِ مِنْهُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ عَنَّا كَيْفَ نَعْمَلُ فِيهِ

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ ‏"‏ لَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِالْحَطِيطَةِ مِنْ بَعْضٍ ‏"‏ فَكَلاَمٌ صَحِيحٌ إنْ زِيدَ فِيهِ مَا يَنْقُصُ مِنْهُ ‏,‏ وَهُوَ أَنْ لاَ يُوجِبَ حَطَّ بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ نَصٌّ أَوْ ضَرُورَةٌ‏.‏ وَيُقَالُ لَهُمْ هَاهُنَا أَيْضًا ‏:‏ وَلاَ لَكُمْ أَنْ تَحُطُّوا أَحَدًا مِنْ الْوَرَثَةِ مِمَّا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِاحْتِيَاطِك وَظَنِّك ‏,‏ لَكِنْ بِنَصٍّ أَوْ ضَرُورَةٍ‏.‏

وَأَمَّا دَعْوَاهُمْ التَّنَاقُضِ مِنْ الْمَانِعِينَ بِالْعَوْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرُوا فَسَنَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يَتَنَاقَضُوا فِيهَا أَصْلاً‏.‏ فَإِذْ قَدْ بَطَلَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ فَالْوَاجِبُ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ الْمُبْطِلُونَ لِلْعَوْلِ‏.‏ فَوَجَدْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الْخَبَرِ الَّذِي قَدْ أَوْرَدْنَا مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْهُ قَدْ انْتَظَمَ بِالْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ بِمَا لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى الأَعْتِرَاضِ فِيهِ ‏,‏ وَأَوَّلُ ذَلِكَ إخْبَارُهُ بِأَنَّ عُمَرَ أَوَّلُ مَنْ عَالَ الْفَرَائِضَ بِاعْتِرَافِهِ ‏;‏ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ‏.‏

فَصَحَّ أَنَّهُ رَأْيٌ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ سُنَّةٌ وَهَذَا يَكْفِي فِي رَدِّ هَذَا الْقَوْلِ‏.‏

وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏ فَإِنَّهُ وَصَفَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ هُوَ نَصُّ الْقُرْآنِ ‏,‏ فَهُوَ الْحَقُّ ‏,‏ وَبَيَّنَ أَنَّ الْكَلاَمَ فِي الْعَوْلِ لاَ يَقَعُ إِلاَّ فِي فَرِيضَةٍ فِيهَا أَبَوَانِ وَزَوْجٌ وَزَوْجَةٌ وَأَخَوَاتٌ وَبَنَاتٌ فَقَطْ ‏,‏ أَوْ بَعْضُهُمْ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَلاَ يَشُكُّ ذُو مُسْكَةِ عَقْلٍ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُرِدْ قَطُّ إعْطَاءَ فَرَائِضَ لاَ يَسَعُهَا الْمَالُ ‏,‏ وَوَجَدْنَا ثَلاَثَ حُجَجٍ قَاطِعَةٍ مُوجِبَةٍ صِحَّةَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏ إحْدَاهَا الَّتِي ذَكَرَ مِنْ تَقْدِيمِ مَنْ لَمْ يَحُطَّهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ عَنْ فَرْضٍ مُسَمًّى ‏,‏ عَلَى مَنْ حَطَّهُ عَنْ الْفَرْضِ الْمُسَمَّى إلَى أَنْ لاَ يَكُونَ لَهُ إِلاَّ مَا بَقِيَ‏.‏ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ عَرَفْنَا أَنَّ تَقْدِيمَ مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى مِيرَاثَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ‏,‏ وَمَنْ لاَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ مَانِعٌ أَصْلاً ‏,‏ إذَا كَانَ هُوَ وَالْمَيِّتُ حُرَّيْنِ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ ‏,‏ عَلَى مَنْ قَدْ يَرِثُ وَقَدْ لاَ يَرِثُ ‏;‏ لأََنَّ مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ مِنْ الْمِيرَاثِ لاَ يَحِلُّ مَنْعُهُ مِمَّا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ‏,‏ وَكُلُّ مَنْ قَدْ يَرِثُ وَقَدْ لاَ يَرِثُ ‏,‏ فَبِالضَّرُورَةِ نَدْرِي أَنَّهُ لاَ يَرِثُ إِلاَّ بَعْدَ مَنْ يَرِثُ ، وَلاَ بُدَّ‏.‏ وَوَجَدْنَا الزَّوْجَيْنِ وَالأَبَوَيْنِ يَرِثُونَ أَبَدًا عَلَى كُلِّ حَالٍ‏.‏ وَوَجَدْنَا الأَخَوَاتِ قَدْ يَرِثْنَ وَقَدْ لاَ يَرِثْنَ‏.‏ وَوَجَدْنَا الْبَنَاتِ لاَ يَرِثْنَ إِلاَّ بَعْدَ مِيرَاثِ مَنْ يَرِثُ مَعَهُنَّ‏.‏ وَالثَّالِثَةُ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَنْ ذَكَرْنَا فَإِنْ وَجَدْنَا الْمَالَ يَتَّسِعُ لِفَرَائِضِهِنَّ أَيْقَنَّا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَهُمْ فِي تِلْكَ الْفَرِيضَةِ نَفْسِهَا بِمَا سُمِّيَ لَهُمْ فِيهَا فِي الْقُرْآنِ ‏,‏ وَإِنْ وَجَدْنَا الْمَالَ لاَ يَتَّسِعُ لِفَرَائِضِهِمْ نَظَرْنَا فِيهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا ‏,‏ فَمَنْ وَجَدْنَا مِمَّنْ ذَكَرْنَا قَدْ اتَّفَقَ جَمِيعُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ اتِّفَاقًا مَقْطُوعًا بِهِ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي تِلْكَ الْفَرِيضَةِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ أَيْقَنَّا قَطْعًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُرِدْهُ قَطُّ فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ فَلَمْ نُعْطِهِ إِلاَّ مَا اُتُّفِقَ لَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُتَّفَقْ لَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ نُعْطِهِ شَيْئًا ‏,‏ لأََنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنْ لاَ مِيرَاثَ لَهُ فِي النُّصُوصِ فِي الْقُرْآنِ‏.‏ وَمَنْ وَجَدْنَا مِمَّنْ ذَكَرْنَا قَدْ اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ‏.‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ لَهُ مَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي الْقُرْآنِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ لَيْسَ لَهُ إِلاَّ بَعْضُ الْمُسَمَّى فِي الْقُرْآنِ ‏,‏ وَجَبَ ، وَلاَ بُدَّ يَقِينًا أَنْ يُقْضَى لَهُ بِالْمَنْصُوصِ فِي الْقُرْآنِ ‏,‏ وَأَنْ لاَ يُلْتَفَتَ إلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِخِلاَفِ النَّصِّ ‏,‏ إذْ لَمْ يَأْتِ فِي تَصْحِيحِ دَعْوَاهُ بِنَصٍّ آخَرَ‏.‏ وَهَذَا غَايَةُ الْبَيَانِ ‏,‏ وَلاَ سَبِيلَ إلَى شُذُوذِ شَيْءٍ عَنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ ‏;‏ لأََنَّ الأَبَوَيْنِ ‏,‏ وَالزَّوْجَيْنِ فِي مَسَائِلِ الْعَوْلِ كُلِّهَا يَقُولُ الْمُبْطِلُونَ لِلْعَوْلِ ‏:‏ إنَّ الْوَاجِبَ لَهُمْ مَا سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ الْقَائِلُونَ بِالْعَوْلِ ‏:‏ لَيْسَ لَهُمْ إِلاَّ بَعْضُهُ ‏,‏ فَوَجَبَ الأَخْذُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ لاَ بِقَوْلِ مَنْ خَالَفَهُ‏.‏

وَأَمَّا الأَخَوَاتُ وَالْبَنَاتُ ‏:‏ فَقَدْ أَجْمَعَ الْقَائِلُونَ بِالْعَوْلِ وَالْمُبْطِلُونَ لِلْعَوْلِ ‏,‏ وَلَيْسَ فِي أَهْلِ الإِسْلاَمِ لِهَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ ثَالِثٌ لَهُمَا ‏,‏ وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ لَهُمَا ثَالِثٌ ‏,‏ إذْ لَيْسَ فِي الْمُمْكِنِ إِلاَّ إثْبَاتٌ أَوْ نَفْيٌ ‏:‏ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْعَوْلِ لَهُنَّ مَا جَاءَ فِي نَصِّ الْقُرْآنِ ‏,‏ لَكِنْ إمَّا بَعْضُ ذَلِكَ ‏,‏

وَأَمَّا لاَ شَيْءَ فَكَانَ إجْمَاعُهُمْ حَقًّا بِلاَ شَكٍّ ‏,‏ وَكَانَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ لاَ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ ‏,‏ إذْ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ ‏,‏ فَوَجَبَ إذْ لاَ حَقَّ لَهُنَّ بِالنَّصِّ أَنْ لاَ يُعْطُوا إِلاَّ مَا صَحَّ الْإِجْمَاعُ لَهُنَّ بِهِ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يُجْمَعْ لَهُنَّ عَلَى شَيْءٍ وَقَدْ خَرَجْنَ بِالْإِجْمَاعِ وَبِالضَّرُورَةِ عَنْ النَّصِّ ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِينَ شَيْئًا بِغَيْرِ نَصٍّ ، وَلاَ إجْمَاعٍ وَهَذَا بَيَانٌ لاَ إشْكَالَ فِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ادَّعَوْا عَلَيْنَا فِيهَا التَّنَاقُضَ ‏,‏ فَهِيَ ‏:‏ زَوْجٌ ‏,‏ وَأُمٌّ ‏,‏ وَأُخْتَانِ لأََبٍ ‏,‏ وَأُخْتَانِ لأَُمٍّ وَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى ادَّعَوْا فِيهَا التَّنَاقُضَ عَلَى بَعْضِنَا دُونَ بَعْضٍ ‏,‏ وَهِيَ ‏:‏ زَوْجٌ ‏,‏ وَأُمٌّ ‏,‏ وَأُخْتَانِ لأَُمٍّ ‏,‏ فَقَالُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُلُّ هَؤُلاَءِ أُولُو فَرْضٍ مُسَمًّى ‏,‏ لاَ يَرِثُ مِنْهُمْ أَحَدٌ بِغَيْرِ الْفَرْضِ الْمُسَمَّى فِي شَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ ‏,‏ وَلَيْسَ هَاهُنَا مَنْ يَرِثُ مَرَّةً بِفَرْضٍ مُسَمًّى فَتُقَدِّمُوهُ ‏,‏ وَمَرَّةً مَا بَقِيَ فَتُسْقِطُوهُ أَوْ تُؤَخِّرُوهُ‏.‏ وَقَالُوا فِي الْأُمِّ وَالأَخَوَاتِ الشَّقَائِقِ ‏,‏ أَوْ لِلأَبِ فَقَطْ ‏,‏ أَوْ لِلْأُمِّ فَقَطْ ‏,‏ مِمَّنْ قَدْ يَرِثُ وَقَدْ لاَ يَرِثُ شَيْئًا ‏:‏ فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ إسْقَاطُ بَعْضٍ وَإِثْبَاتُ بَعْضٍ

قال أبو محمد ‏:‏ أَمَّا مَسْأَلَةُ ‏:‏ الزَّوْجِ ‏,‏ وَالْأُمِّ ‏,‏ وَالْأُخْتَيْنِ لِلأَبِ ‏,‏ وَالْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ‏.‏ فَلاَ تَنَاقُضَ فِيهَا أَصْلاً ‏,‏ لأََنَّ الْأُخْتَيْنِ لِلأَبِ قَدْ يَرِثَانِ بِفَرْضٍ مُسَمًّى مَرَّةً ‏,‏ وَقَدْ لاَ يَرِثَانِ إِلاَّ مَا بَقِيَ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ ‏:‏ فَلاَ يُعْطَيَانِ مَا لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ لَهُمَا ‏,‏ وَلاَ اتِّفَاقٌ‏.‏ وَلَيْسَ لِلْأُمِّ هَاهُنَا إِلاَّ السُّدُسُ ‏;‏ لأََنَّ لِلْمَيِّتِ إخْوَةً ‏,‏ فَوَجَبَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ بِالنَّصِّ ‏,‏ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ بِالنَّصِّ ‏,‏ فَذَلِكَ الثُّلُثَانِ ‏,‏ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ بِالنَّصِّ‏.‏

وَأَيْضًا ‏:‏ فَهَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ مُجْمَعٌ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ ‏,‏ وَمُخْتَلَفٌ فِي حَطِّهِمْ فَوَجَبَ تَوْرِيثُهُمْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ ‏,‏ وَبَطَلَ حَطُّهُمْ بِالدَّعْوَى الْمُخَالِفَةِ لِلنَّصِّ ‏,‏ وَصَحَّ بِالْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ ‏:‏ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُعْطِ الْأُخْتَيْنِ لِلأَبِ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ الثُّلُثَيْنِ ‏,‏ وَلاَ نَصَّ لَهُمَا بِغَيْرِهِ ‏,‏ وَلَمْ يُجْمَعْ لَهُمَا عَلَى شَيْءٍ يُعْطَيَانِهِ ‏,‏ فَإِذْ لاَ مِيرَاثَ لَهُمَا بِالنَّصِّ ، وَلاَ بِالْإِجْمَاعِ ‏:‏ فَلاَ يَجُوزُ تَوْرِيثُهُمَا أَصْلاً‏.‏

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ ‏:‏ الزَّوْجِ ‏,‏ وَالْأُمِّ ‏,‏ وَالْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ ‏:‏ فَإِنَّهَا لاَ تَلْزَمُ أَبَا سُلَيْمَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِمَّنْ يَحُطُّ الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ بِالاِثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ‏.‏

وَأَمَّا نَحْنُ وَمَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَنْ لاَ يَحُطَّ إلَى السُّدُسِ إِلاَّ بِثَلاَثَةٍ مِنْ الْإِخْوَةِ فَصَاعِدًا فَجَوَابُنَا فِيهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ أَنَّ الزَّوْجَ وَالْأُمَّ يَرِثَانِ بِكُلِّ وَجْهٍ ‏,‏ وَفِي كُلِّ حَالٍ‏.‏

وَأَمَّا الْأُخْتَانِ لِلْأُمِّ ‏,‏ فَقَدْ يَرِثَانِ وَقَدْ لاَ يَرِثَانِ ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ مَنْعُ مَنْ نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ لَهُ الْمِيرَاثَ فِي كُلِّ حَالٍ وَأَبَدًا ‏,‏ وَلاَ يَجُوزُ تَوْرِيثُ مَنْ قَدْ يَرِثُ وَقَدْ لاَ يَرِثُ إِلاَّ بَعْدَ تَوْرِيثِ مَنْ نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُجُوبِ تَوْرِيثِهِ وَبَعْدَ اسْتِيفَائِهِ مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ عَلَيْهِ ‏,‏ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ أَخَذَهُ الَّذِي قَدْ لاَ يَرِثُ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ ‏,‏ إذْ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْمُكَلَّفِ إِلاَّ هَذَا ‏,‏ أَوْ مُخَالَفَةُ الْقُرْآنِ بِالدَّعْوَى بِلاَ برهان ‏:‏ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ بِالْقُرْآنِ ‏,‏ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ بِالْقُرْآنِ ‏,‏ فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ السُّدُسُ ‏,‏ فَلَيْسَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ غَيْرُهُ ‏,‏ إذْ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ سِوَاهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1719 - مسألة‏:

وَإِنْ مَاتَ وَتَرَكَ وَلَدًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ‏,‏ أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ ذَكَرٍ كَذَلِكَ ‏,‏ أَوْ تَرَكَ أَبًا أَوْ جَدًّا لأََبٍ ‏,‏ وَتَرَكَ أَخًا لأَُمٍّ ‏,‏ أَوْ أُخْتًا لأَُمٍّ ‏,‏ أَوْ أَخًا لأَُمٍّ ‏,‏ أَوْ إخْوَةً لأَُمٍّ ‏:‏ فَلاَ مِيرَاثَ لِوَلَدِ الْأُمِّ أَصْلاً ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ أَحَدًا مِمَّنْ ذَكَرْنَا ‏:‏ فَلِلأَخِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ فَقَطْ ‏,‏ وَلِلْأُخْتِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ فَقَطْ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ أُخْتًا وَأَخًا لأَُمٍّ ‏:‏ فَلَهُمَا الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ ‏,‏ لاَ يُفَضَّلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى ‏,‏

وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا جَمَاعَةً ‏:‏ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ شَرْعًا سَوَاءٌ ‏,‏

وَكَذَلِكَ إنْ وَجَبَ لَهُمْ السُّدُسُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَوْلِ ، وَلاَ فَرْقَ‏.‏

برهان ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ‏}‏ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ‏.‏ وَهَذَا قَوْلُنَا ‏,‏ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ‏,‏ وَمَالِكٍ ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ ‏,‏ وَأَحْمَدَ ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ ‏,‏ وَغَيْرِهِمْ ‏,‏ إِلاَّ رِوَايَتَيْنِ رُوِيَتَا ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏ إحْدَاهُمَا ‏:‏ أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ يَقْسِمُونَ الثُّلُثَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏.‏ وَالثَّانِيَةُ ‏:‏ أَنَّ الأَخَ لِلْأُمِّ وَالْأُخْتَ لِلْأُمِّ يَرِثَانِ مَعَ الأَبِ‏.‏

فأما الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ‏:‏ فَلاَ نَقُولُ بِهَا ‏;‏ لأََنَّهَا خِلاَفُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ‏}‏ وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ أَنْ يَقُولُوا بِهَذِهِ الْقَوْلَةِ قِيَاسًا عَلَى مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ لِلأَبِ ‏,‏ أَوْ الأَشِقَّاءِ ‏,‏ وَبِاَللَّهِ لَوْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْ الْقِيَاسِ لَكَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ كُلِّ مَا حَكَمُوا فِيهِ بِالْقِيَاسِ ‏,‏ وَأَيْنَ هَذَا الْقِيَاسُ مِنْ قِيَاسِهِمْ مِيرَاثَ الْبِنْتَيْنِ عَلَى مِيرَاثِ الْأُخْتَيْنِ ‏,‏ وَسَائِرِ تِلْكَ الْمَقَايِيسِ الْفَاسِدَةِ

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ‏:‏ فَلَمْ تَصِحَّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلاَّ فِي السُّدُسِ الَّذِي حَطَّهُ الْإِخْوَةُ مِنْ مِيرَاثِ الْأُمِّ فَرَدُّوهَا إلَى السُّدُسِ عَنْ الثُّلُثِ فَقَطْ ‏,‏ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ خِلاَفُهَا وَلَمْ نَقُلْ بِهَا ‏:‏ لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى هَذَا التَّوْرِيثَ ‏"‏ كَلاَلَةً ‏"‏ فَوَجَبَ أَنْ تَعْرِفَ مَا ‏"‏ الْكَلاَلَةُ ‏"‏ وَمَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ ‏,‏ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُخْبَرَ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ بِنَصٍّ ثَابِتٍ ‏,‏ أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ ‏,‏ وَإِلَّا فَهُوَ افْتِرَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى‏.‏ فَوَجَدْنَا ‏:‏ مَنْ يَرِثُهُ إخْوَةٌ أَوْ أَخَوَانِ أَوْ أَخٌ ‏:‏ إمَّا شَقِيقٌ ‏,‏

وَأَمَّا لأََبٍ ‏,‏ وَأَمَّا لأَُمٍّ ، وَلاَ وَلَدَ لَهُ ، وَلاَ ابْنَةَ ‏,‏ وَلاَ وَلَدَ ابْنِ ذَكَرٍ وَإِنْ سَفَلَ ، وَلاَ أَبَ ، وَلاَ جَدَّ لأََبٍ وَإِنْ عَلاَ فَهُوَ كَلاَلَةٌ ‏,‏ مِيرَاثُهُ كَلاَلَةٌ بِإِجْمَاعٍ مَقْطُوعٍ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ‏.‏ وَوَجَدْنَا أَنَّ مَنْ نَقَصَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ شَيْءٌ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ ‏:‏ أَهُوَ كَلاَلَةٌ أَمْ لاَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْطَعَ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى إِلاَّ بِالْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ الثَّابِتِ إذَا لَمْ نَجِدْ نَصًّا مُفَسِّرًا فَوَجَبَ بِهَذَا أَنْ لاَ يَرِثَ الْإِخْوَةُ كَيْفَ كَانُوا ‏,‏ إِلاَّ حَيْثُ يُعْدَمُ كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا ‏,‏ إِلاَّ أَنْ يُوجِبَ مِيرَاثَ بَعْضِهِمْ نَصٌّ صَحِيحٌ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ ‏,‏ وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلاَّ فِي مَوْضِعَيْنِ فَقَطْ ‏:‏ وَهُوَ الأَخُ الشَّقِيقُ ‏,‏ أَوْ لِلأَبِ مَعَ الأَبْنَةِ فَصَاعِدًا ‏,‏ وَأُخْتٌ مِثْلُهُ مَعَهُ فَصَاعِدًا ‏,‏ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ‏.‏ وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي ‏:‏ الْأُخْتُ كَذَلِكَ مَعَ الْبِنْتِ ‏,‏ أَوْ الْبَنَاتِ حَيْثُ لاَ عَاصِبَ لِلْمَيِّتِ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1720 - مسألة‏:

وَمَنْ تَرَكَ ابْنًا وَابْنَةً ‏,‏ أَوْ ابْنًا وَابْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا ‏,‏ أَوْ ابْنَةً وَابْنًا فَأَكْثَرَ ‏,‏ أَوْ اثْنَيْنِ وَبِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ ‏:‏ فَلِلذَّكَرِ سَهْمَانِ ‏,‏ وَلِلْأُنْثَى سَهْمٌ‏.‏ هَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ ‏,‏ وَإِجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ‏.‏

1721 - مسألة‏:‏

وَالأَخُ ‏,‏ وَالْأُخْتُ الأَشِقَّاءُ أَوْ لِلأَبِ فَقَطْ فَصَاعِدًا كَذَلِكَ أَيْضًا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَهَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ ‏,‏ وَإِجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ‏.‏

1722 - مسألة‏:

فَإِنْ كَانَ أَخٌ شَقِيقٌ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ ‏,‏ وَمَعَهُ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ فَأَكْثَرُ ‏,‏ أَوْ لاَ أُخْتَ مَعَهُ ‏:‏ لَمْ يَرِثْ هَاهُنَا الأَخُ لِلأَبِ ‏,‏ وَلاَ الْأُخْتُ لِلأَبِ شَيْئًا‏.‏ وَهَذَا نَصُّ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ فَمَا أَبْقَتْ الْفَرَائِضُ فَلأََوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ وَإِجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ أَيْضًا ‏,‏ وَالأَقْرَبُ بِالْأُمِّ وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الأَبِ أَوْلَى مِمَّنْ لَمْ يَقْرُبْ بِالْأُمِّ بِضَرُورَةِ الْحِسِّ‏.‏

1723 - مسألة‏:‏

وَمَنْ تَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً ‏,‏ وَأَخًا لأََبٍ ‏,‏ أَوْ إخْوَةً ذُكُورًا لأََبٍ ‏:‏ فَلِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ ‏,‏ وَلِلأَخِ لِلأَبِ أَوْ الْإِخْوَةِ مِنْ الأَبِ ‏:‏ مَا بَقِيَ وَإِنْ كَثُرُوا وَهَذَا إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ ‏,‏ وَنَصُّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ‏.‏ فَإِنْ تَرَكَ أُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ فَصَاعِدًا ‏,‏ أَوْ أَخًا ‏,‏ أَوْ إخْوَةً لأََبٍ ‏:‏ فَلِلشَّقِيقَتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ ‏,‏ وَمَا بَقِيَ ‏:‏ فَلِلأَخِ ‏,‏ أَوْ الْإِخْوَةِ لِلأَبِ ‏,‏ كَمَا

قلنا‏.‏

1724 - مسألة‏:‏

فَإِنْ تَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً ‏,‏ وَأُخْتًا لأََبٍ ‏,‏ أَوْ أَخَوَاتٍ لِلأَبِ ‏:‏ فَلِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ ‏,‏ وَلِلَّتِي لِلأَبِ أَوْ اللَّوَاتِي لِلأَبِ ‏:‏ السُّدُسُ فَقَطْ وَإِنْ كَثُرْنَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ‏}‏ فَلَمْ يَجْعَلْ تَعَالَى لِلأَخَوَاتِ وَإِنْ كَثُرْنَ إِلاَّ الثُّلُثَيْنِ‏.‏ فَإِنْ تَرَكَ أَيْضًا أُخْتًا لأَُمٍّ ‏:‏ كَانَ لَهَا سُدُسٌ خَامِسٌ

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَخًا لأَُمٍّ‏.‏ فَإِنْ كَانَ أَخَوَانِ لأَُمٍّ ‏,‏ أَوْ أُخْتَانِ لأَُمٍّ ‏,‏ أَوْ أَخًا ‏,‏ أَوْ أُخْتًا ‏,‏ أَوْ إخْوَةً كَثِيرًا لأَُمٍّ ‏:‏ فَالثُّلُثُ الْبَاقِي لَهُمَا أَوْ لَهُمْ أَوْ لَهُنَّ وَهَذَا نَصٌّ كَمَا أَوْرَدْنَا ‏,‏ وَإِجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ‏.‏ فَإِنْ تَرَكَ شَقِيقَتَيْنِ وَأَخَوَاتٍ لأََبٍ ‏,‏ وَابْنَ عَمٍّ أَوْ عَمًّا ‏,‏ فَلِلشَّقِيقَتَيْنِ ‏:‏ الثُّلُثَانِ ‏"‏ وَلِلْعَمِّ ‏,‏ أَوْ لأَبْنِ الْعَمِّ مَا بَقِيَ ‏,‏ وَلاَ شَيْءَ لِلَّوَاتِي لِلأَبِ وَهَذَا دَلِيلُ النَّصِّ وَإِجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ إِلاَّ شَيْئًا ذُكِرَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ‏:‏ أَنَّ الثُّلُثَ الْبَاقِي لِلَّوَاتِي لِلأَبِ ‏,‏ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ حَيْثُ يُوجَدُ عَاصِبٌ ذَكَرٌ‏.‏

وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ أُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ ‏,‏ وَأُخْتَيْنِ لأَُمٍّ ‏,‏ وَأَخَوَاتٍ أَوْ أُخْتًا لأََبٍ ‏,‏ أَوْ إخْوَةً لأََبٍ ‏,‏ فَلِلشَّقِيقَتَيْنِ فَصَاعِدًا ‏:‏ الثُّلُثَانِ ‏,‏ وَلِلْبِنْتَيْنِ لِلْأُمِّ فَصَاعِدًا الثُّلُثُ ، وَلاَ شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِلأَبِ ‏,‏ وَلاَ لِلأَخَوَاتِ لِلأَبِ ‏,‏ وَلاَ لِلْإِخْوَةِ لِلأَبِ وَهَذَا دَلِيلُ النَّصِّ ‏,‏ كَمَا ذَكَرْنَا ‏,‏ وَإِجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ مَقْطُوعٌ بِهِ‏.‏

1725 - مسألة‏:‏

وَلَوْ تَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً ‏,‏ وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ لِلأَبِ ‏,‏ فَلِلشَّقِيقَةِ ‏:‏ النِّصْفُ ‏,‏ وَمَا بَقِيَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ لِلأَبِ ‏,‏ مَا لَمْ يَتَجَاوَزْ مَا يَجِبُ لِلأَخَوَاتِ السُّدُسُ ، وَلاَ يَزِدْنَ عَلَى السُّدُسِ أَصْلاً ‏,‏ وَيَكُونُ الْبَاقِي لِلذَّكَرِ وَحْدَهُ‏.‏ فَإِنْ كَانَتَا شَقِيقَتَيْنِ ‏,‏ وَأُخْتًا أَوْ أَخَوَاتٍ لأََبٍ ‏,‏ وَأَخًا لأََبٍ ‏:‏ فَالثُّلُثَانِ لِلشَّقِيقَتَيْنِ ‏,‏ وَالْبَاقِي لِلأَخِ الذَّكَرِ ‏,‏ وَلاَ شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِلأَبِ ‏,‏ وَلاَ لِلأَخَوَاتِ لِلأَبِ‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى هُوَ مُسْلِمُ بْنُ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الأَجْدَعِ قَالَ ‏:‏ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِي أَخَوَاتٍ لأََبٍ وَأُمٍّ ‏,‏ وَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ لأََبٍ ‏:‏ لِلأَخَوَاتِ مِنْ الأَبِ وَالْأُمِّ ‏:‏ الثُّلُثَانِ ‏,‏ وَسَائِرُ الْمَالِ لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ‏.‏

وبه إلى ‏,‏ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ فِي أَخَوَاتٍ لأََبٍ وَأُمٍّ ‏:‏ فَجَعَلَ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ ‏,‏ فَخَرَجَ إلَى الْمَدِينَةِ فَجَاءَ وَهُوَ يَرَى أَنْ يُشْرِكَ بَيْنَهُمْ ‏,‏ فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ ‏:‏ مَا رَدُّك عَنْ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ ‏,‏ أَلَقِيت أَحَدًا هُوَ أَثْبَتُ فِي نَفْسِك مِنْهُ قَالَ ‏:‏ لاَ ‏,‏ وَلَكِنْ لَقِيت زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَوَجَدْته فِي الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ‏:‏ ، أَنَّهُ قَالَ فِي أُخْتَيْنِ لأََبٍ وَأُمٍّ ‏,‏ وَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ لأََبٍ ‏:‏ إنَّ لِلَّتَيْنِ لِلأَبِ وَالْأُمِّ ‏:‏ الثُّلُثَيْنِ ‏,‏ فَمَا بَقِيَ فَلِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ ، وَأَنَّ عَائِشَةَ شَرَّكَتْ بَيْنَهُمْ ‏,‏ فَجَعَلَتْ مَا بَقِيَ بَعْدَ الثُّلُثَيْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ قَالَ مَسْرُوقٌ رَأَيْت زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَأَهْلَ الْمَدِينَةِ يُشْرِكُونَ بَيْنَهُمْ ‏,‏ قَالَ الأَعْمَشُ ‏:‏ وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِي أُخْتٍ لأََبٍ وَأُمٍّ ‏,‏ وَإِخْوَةٍ لأََبٍ ‏:‏ لِهَذِهِ النِّصْفُ ‏,‏ ثُمَّ يَنْظُرُ ‏:‏ فَإِنْ كَانَ إذَا قَاسَمَ بِهَا الذُّكُورَ أَصَابَهَا أَكْثَرُ مِنْ السُّدُسِ لَمْ يُزِدْهَا عَلَى السُّدُسِ ‏,‏ وَإِذَا أَصَابَهَا أَقَلُّ مِنْ السُّدُسِ ‏:‏ قَاسَمَ بِهَا وَكَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ ‏:‏ لِهَذِهِ النِّصْفُ ‏,‏ وَمَا بَقِيَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِيهَا ‏:‏ هَذَا مِنْ قَضَاءِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ‏:‏ أَنْ يَرِثَ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَقُولُ عَلْقَمَةُ ‏,‏ وَأَبُو ثَوْرٍ ‏,‏ وَاخْتَلَفَ فِيهِ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ احْتَجَّ مَنْ خَالَفَ ابْنَ مَسْعُودٍ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏}‏ وَبِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ قَوْلُ سَائِرِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ مِنْ قَضَاءِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ لَيْسَ قَضَاءُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا أَوْجَبَهُ الْقُرْآنُ ‏,‏ وَقَدْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَوْرِيثِ الْعَمِّ ‏,‏ وَابْنِ الْعَمِّ ‏,‏ وَابْنِ الأَخِ ‏:‏ دُونَ الْعَمَّةِ ‏,‏ وَبِنْتِ الْعَمِّ ‏,‏ وَبِنْتِ الأَخِ فَهَلْ هَذَا مِنْ قَضَاءِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُ الأَعْمَشِ ‏:‏ إنَّ سَائِرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِلاَفِ هَذَا‏.‏ فَنَقُولُ لِلْمُحْتَجِّ بِهَذَا ‏:‏ هَبْكَ صَحَّ لَك ذَلِكَ وَهُوَ لاَ يَصِحُّ عَنْ سِتَّةٍ مِنْهُمْ ‏,‏ أَهَذَا حُجَّةٌ عِنْدَك ‏;‏ لأََنَّهُ إجْمَاعٌ أَمْ لِمَاذَا فَإِنْ قَالَ ‏:‏ لَيْسَ إجْمَاعًا ‏,‏

قلنا لَهُ ‏:‏ فَمَا لَيْسَ إجْمَاعًا ، وَلاَ نَصًّا ‏:‏ فَلاَ حُجَّةَ فِيهِ ‏,‏ وَإِنْ كَانَ هُوَ إجْمَاعًا

قلنا ‏:‏ فَمُخَالِفُ الْإِجْمَاعِ ‏:‏ كَافِرٌ أَوْ فَاسِقٌ ‏,‏ فَانْظُرْ فِيمَ تَدْخُلُ ‏,‏ وَبِمَاذَا تَصِفُ ابْنَ مَسْعُودٍ وَاَللَّهِ إنَّ الْمُعَرِّضَ بِهِ فِي ذَلِكَ لَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ ‏,‏ لاَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْمَقْطُوعُ لَهُ بِالْجَنَّةِ ‏,‏ وَالْعِلْمِ ‏,‏ وَالدِّينِ ‏,‏ وَالْإِيمَانِ‏.‏

وَأَمَّا الآيَةُ ‏:‏ فَهِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ ‏;‏ لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِيمَا يَرِثُهُ الْإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ بِالتَّعْصِيبِ ‏,‏ لاَ فِيمَا وَرِثَهُ الأَخَوَاتُ بِالْفَرْضِ الْمُسَمَّى ‏,‏ وَالنَّصُّ قَدْ صَحَّ بِأَنْ لاَ يَرِثَ الأَخَوَاتُ بِالْفَرْضِ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ‏.‏ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُخَالِفُونَ لَنَا ‏:‏ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً ‏,‏ وَعَشْرَ أَخَوَاتٍ لأََبٍ ‏,‏ وَعَمًّا أَوْ ابْنَ عَمٍّ ‏,‏ أَوْ ابْنَ أَخٍ ‏:‏ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلأَخَوَاتِ لِلأَبِ إِلاَّ السُّدُسُ فَقَطْ ‏,‏ وَالْبَاقِي لِمَنْ ذَكَرْنَا‏.‏ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ أُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ ‏,‏ وَعَشْرَ أَخَوَاتٍ لأََبٍ ‏,‏ وَعَمًّا أَوْ ابْنَ عَمٍّ ‏,‏ أَوْ ابْنَ أَخٍ ‏:‏ أَنَّ اللَّوَاتِي لِلأَبِ لاَ يَرِثْنَ شَيْئًا أَصْلاً ‏,‏ فَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ أَنْ يَرِثْنَ مَعَ الأَخِ ‏,‏ وَلاَ يَرِثْنَ مَعَ الْعَمِّ ‏,‏ وَلاَ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ ‏,‏ وَلاَ مَعَ ابْنِ الأَخِ

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ ‏"‏ أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَصْحَابِهَا ‏,‏ فَمَا أَبْقَتْ الْفَرَائِضُ فَلأََوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ وَالْفَرَائِضُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ النِّصْفُ لِلشَّقِيقَةِ ‏,‏ أَوْ الثُّلُثَانِ لِلشَّقِيقَتَيْنِ ‏,‏ أَوْ النِّصْفُ لِلشَّقِيقَةِ ‏,‏ وَالسُّدُسُ لِلَّتِي لِلأَبِ أَوْ اللَّوَاتِي لِلأَبِ فَقَطْ‏.‏فَصَحَّ أَنَّ الْبَاقِيَ لأََوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ‏,‏ وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ النَّصَّ وَالْقِيَاسَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏